قروب وظائف
تطبيق وظائف
قناة تليجرام

المدونة

التفاوض على الراتب في المقابلة الشخصية

التفاوض على الراتب في المقابلة الشخصية

في سوق العمل السعودي المتغير، لم يعد الحديث عن الراتب أمرًا محرجًا أو غير لائق، بل أصبح من أبرز المهارات التي تُظهر وعي المتقدم بقدراته وقيمته. كثيرون يدخلون مقابلات العمل مترددين في طرح هذا الموضوع، رغم أنه قد يحدد مستقبلهم المهني والمالي. التفاوض على الراتب في المقابلة الشخصية ليس فقط عن الأرقام، بل عن التقدير، والتوازن، والاحترام المتبادل بين صاحب العمل والموظف المحتمل. في هذا المقال، نأخذك في جولة واثقة لفهم متى وكيف ولماذا تتفاوض، وكيف تفعل ذلك باحتراف وذكاء دون أن تفسد فرصتك.

متى يكون الوقت المناسب لطرح موضوع الراتب؟

من الأخطاء الشائعة طرح موضوع الراتب في وقت غير مناسب. التوقيت هنا يلعب دورًا كبيرًا في نجاح التفاوض. فمثلًا، إن بادر المرشح بذكر الراتب في بداية المقابلة، قد يعطي انطباعًا بأن المال هو أولويته الوحيدة، بينما إن تأخر كثيرًا، قد تضيع عليه الفرصة.

الوقت الأمثل غالبًا ما يكون بعد أن يتم الحديث عن المؤهلات والمهارات، وبعد أن يشعر الطرفان بأن هناك توافقًا مبدئيًا. أما إذا تم سؤالك مباشرة: “كم تتوقع راتبك؟”، فحينها لا تتردد في الإجابة الذكية، كما سنشرح لاحقًا.

أحيانًا يُطرح الراتب في إعلان الوظيفة أو عند التواصل المبدئي من قسم الموارد البشرية، وحينها يمكنك استخدام هذه المعلومة كأساس لتفاوضك لاحقًا.

هل من المناسب أصلًا التفاوض على الراتب؟

كثير من الباحثين عن عمل يعتقدون أن التفاوض قد يقلل من فرصهم أو يجعلهم يظهرون بمظهر الطامعين. لكن الحقيقة أن التفاوض على الراتب حق مشروع، بل ومطلوب إذا تم بحكمة. الشركات عادة ما تترك هامشًا للتفاوض، وهي لا تنزعج ممن يتحدث عن مستحقاته بثقة ولباقة.

لكن من المهم أيضًا التمييز بين الحالات التي يكون فيها التفاوض مناسبًا، وتلك التي يُفضّل فيها القبول. إن كنت حديث تخرج أو تفتقر للخبرة المطلوبة، فالتفاوض قد لا يكون في صالحك. أما إن كنت تملك سنوات من الخبرة أو تحمل شهادات متخصصة، فلا تتردد في طلب ما تستحق.

كيف تستعد لمفاوضة راتبك؟

التحضير هو مفتاح النجاح في أي تفاوض. وأول ما عليك فعله هو البحث. حاول أن تتعرف على متوسط الرواتب في مجالك داخل السعودية، سواء عبر منصات الوظائف، أو تقارير مثل منصة مؤشرات الأجور، أو حتى بالسؤال المباشر لأشخاص يعملون في نفس المجال.

بعدها، حدد لنفسك نطاقًا معقولًا للراتب. على سبيل المثال، إذا كان المتوسط 9,000 ريال، وكان لديك خبرة مميزة، فربما تطلب 10,000 إلى 11,000. كن واقعيًا، ولا تبالغ حتى لا تظهر كأنك تجهل السوق.

كما يُفضل أن تُحضّر ردًا لسؤال متوقع جدًا: “ما الراتب الذي تتوقعه؟”. لا تُفاجأ به، ولا تجب بإجابة عامة مثل “أي شيء مناسب”، بل استخدم عبارات ذكية ودبلوماسية كما سنذكر لاحقًا.

صيغ ذكية للحديث عن الراتب أثناء المقابلة

عندما يحين وقت الحديث عن الراتب، استخدم عبارات تدل على مرونتك دون أن تفرّط في حقك. مثل:

“أنا منفتح على مناقشة عرض يتناسب مع مهامي في الوظيفة ويعكس خبرتي في المجال”
أو: “حسب معرفتي بالسوق، وبالنظر لخبرتي السابقة، أعتقد أن نطاقًا بين 9,000 و11,000 ريال سيكون مناسبًا”

تجنب تمامًا أن تبرر طلبك بظروفك الشخصية كديون أو التزامات، فهذا ليس منطقًا مهنيًا. وابتعد عن الجمل الانفعالية مثل: “الراتب لا يكفيني” أو “أنا أستحق أكثر لأنني تعبت كثيرًا”.

السيناريوهات المحتملة بعد التفاوض

1. الشركة توافق على طلبك

في هذه الحالة، عبّر عن امتنانك، ولكن لا تنسَ طلب العرض مكتوبًا، سواء عبر البريد الإلكتروني أو ضمن عقد رسمي. هذا يحمي الطرفين ويوضح التفاصيل.

2. الشركة ترفض طلبك

هنا عليك أن تكون مرنًا. لا تنسحب فورًا، بل اسأل: “هل بالإمكان التفاوض على مزايا أخرى مثل أيام الإجازة أو ساعات العمل؟”. قد تكسب شيئًا حتى لو لم ترفع الراتب. وفي بعض الحالات، تُمنح الزيادات بعد فترة تجربة.

3. العرض أقل من توقعاتك

إذا كان الفارق كبيرًا، وضّح بهدوء أنك كنت تأمل عرضًا أفضل. قل مثلًا: “كنت أتوقع أن يكون الراتب ضمن نطاق أعلى بناءً على مسؤوليتي المحتملة في الدور”.

إن استمروا على عرضهم، أمامك خيار القبول مع طلب مراجعة بعد 3 أشهر، أو الاعتذار بلطف.

نصائح عملية لمفاوض ناجح

  • حافظ على هدوءك ولغة جسدك الواثقة.
  • لا تتحدث عن المال قبل أن تبرز قيمتك.
  • لا تكشف راتبك السابق إلا إذا طُلب منك، وحتى حينها يمكن الرد بلباقة مثل: “كان ضمن متوسط السوق في حينه”.
  • أظهر دائمًا أنك مهتم بالشركة، وليس فقط بالراتب. يمكنك القول: “البيئة المهنية لديكم جذبتني، ويسعدني أن أكون جزءًا منها، لكن أود أن نتفق على عرض عادل للطرفين”.

أمثلة واقعية من مقابلات في السعودية

أحد المرشحين قدم طلبًا لراتب 12,000 ريال، بينما كان العرض المبدئي 10,000. بعد أن شرح خبراته بوضوح، وعرض نماذج من عمله السابق، قُبل طلبه دون تردد.

في حالة أخرى، مرشحة طلبت 8,000 ريال، فاعتذرت الشركة. لكنها بعد أسبوعين عادت بعرض 8,500 بعد أن لم تجد كفاءتها بسهولة.

في مثال مختلف، مرشح لم يتفاوض على الإطلاق، وقَبِل الراتب الأدنى، ثم اكتشف لاحقًا أن زميله الأقل خبرة يتقاضى أكثر. هذه التجربة علمته أهمية الحديث بثقة عن المستحقات.

خاتمة

التفاوض على الراتب في المقابلة الشخصية ليس أمرًا ثانويًا، بل جزء من بناء مستقبل مهني سليم. من يعرف كيف يتحدث عن راتبه، يعرف كيف يحدد قيمته، ويعرف أيضًا كيف يفتح لنفسه فرصًا أفضل.

فكر دائمًا: “أنا لا أطلب شيئًا منّة، بل أطالب بما أستحقه لقاء جهدي وخبرتي”. ومع التدريب، يصبح هذا الحديث طبيعيًا وسلسًا.

ولا تنسَ أن التفاوض الناجح لا يعتمد فقط على ما تقول، بل على متى تقول وكيف تقول. ضع هذه القاعدة في ذهنك، وسترى الفرق في مستقبلك المهني.

شاهد أيضاً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى